كثر اللغط حول مشروع الشراكة كي-داو و كثر الخطأ
في التحليل.
سأحاول ابسط القضية قدر المستطاع
شرح الشراكة
وقعت شركة الصناعات الكيميائية وشركة داو
كيميكال مذكرة تفاهم في ديسمبر 2007 حول مشروع شراكة بالمناصفة تحت اسم كي-داو
(اختصار كويت و داو كيميكال).
كي-داو تشتمل على عدة مصانع خاصةً في اوربا
والامريكيتين، جزء من هذه المصانع تقوم بإنتاج المادة الأولية للمصانع الأخرى (أي أنها
لا تنتج مواداً للبيع في الأسواق). المنتجات المباعة لا تتجاوز خمس منتجات مع أن
شركة داو تنتج أكثر من ثمانية وثلاثين منتجاً! أي أن حصتنا من شركة داو الأم قد لا
تتعدى 15% (في احسن الحالات).
المآخذ الفنية
بعض المصانع المذكورة تعتبر خرب (سكراب) وسيتم
تفكيكها، كما هناك بعض المصانع ليست ذات جدوى تشغيلية (أي أن هامش ربحها شبه معدوم
وأحيانا تتكبد خسائر). كما أن العقد لا يشمل شراكات داو الأخرى مثل ايكويت وأوبتيمال
وغيرهما وهما تعتبران أكثر ربحية من مصانع داو القائمة. عقد الشراكة لم يذكر
اشتماله على مراكز داو البحثية وهل سيكون للكويت حصة في براءات اختراع الشركة ام
لا.
المآخذ المالية
كانت الكويت بصدد دفع 7.5 مليار دولار مقابل 15%
تقريبا من اصول شركة داو. قيمة داو السوقية في تلك الفترة كانت 17 مليار دولار أي
بإمكان الكويت شراء 44% من قيمة داو بأكملها، ويعطي الكويت السيطرة على مجلس
إدارتها (طبعاً واقعياً لا يمكن شراء الشركة حسب قيمتها السوقية ولكن المفارقة أن
قيمة أصول شركة داو في هذه اللحظة تساوي أيضا 17 مليار دولار!). لو فرضنا أن
الكويت استطاعت - في أسوء الحالات- شراء 25% بقيمة 7.5 مليار دولار فهذا بالتأكيد
أفضل بكثير من دفع هذا المبلغ على 15% من أصول الشركة (كما أشرنا في السابق).
تصحيح بعض المفاهيم
ظن الكثيرون أن مشروع داو مع أرامكو السعودية
(مشروع صدارة) هو ذاته الكي-داو. وهذا الكلام غير صحيح بتاتاً. مشروع صدارة هو
مشروع مماثل لمشروع إيكويت، أي أن داو وأرامكو سيقومان بإنشاء ما يقارب 30 مصنعاً
للبتروكيماويات في المنطقة الشرقية –السعودية، و ليس شراء أصول داو المتهالكة.
أستراتيجية داو وسذاجتنا
داو تبحث عن هوامش ربح أعلى فقامت بالشراكة في
مشروع ايكويت لقلة التكلفة التشغيلية، حيث أنها تحصل على الغاز بأسعار مدعومة من
قبل الدولة، كما أن هذا السبب نفسه الذي دعاها للشراكة مع أرامكو.
وقد لاحظت داو أن مصانعها للمنتجات البلاستيكية
الأولية لم تعد تدر الأرباح المنشودة، فقامت بتغيير أستراتيجتها نحو الصناعات
التحويلية التالية، فقامت بالأستحواذ على شركة رومان هانس للصناعات البلاستيكية
التحويلية. لتبسيط كلامي، على سبيل المثال: لو فرضنا ان انتاج برميل النفط يكلف 20
دولار وسعر البيع 100 دولار فربحية البرميل هي 80 دولار، ولكن لو قمنا بتكرير هذا
البرميل فإن المنتجات المكررة ستدر ربحاً يفوق 80 دولارا بكثير.. وهذا ما قامت به
داو.
كما أن مصانع رومان هانس تحتاج منتجات كي-داو
وبما أن شركة داو ما زالت شريكة فيها فإنها تضمن إمداد المواد الأولية لمصانعها
بسعر تكون قادرة على التحكم به.
أما سذاجتنا فتجلت بوضوح في عدم ملاحظتنا
لتوجهات شركة داو، وكان أقصى طموحنا الحصول على أسم عالمي حتى لو كان مكلفاً!
الفحص النافي للجهالة
مما هو متعارف عليه في مثل هذه الصفقات؛ يقوم
الطرف المستثمر - الكويت - بفحص أصول ودفاتر الشركة فحصا نافياً للجهالة، وبعد هذا
الفحص يمكن للمستثمر أن يطلب إعادة تسعير الصفقة بناءً على ملاحظاته، ويمكن في
حالات نادرة إلغاء الصفقة، لماذا قلت نادرة؟ لأن المستثمر قبل التوقيع على مذكرة
التفاهم يكون قد فحص هذا الأستثمار من خلال المعلومات المتوافرة لدية (مثل:
التقارير السنوية، تقيم أصول الشركة، أداء الشركة في الأسواق، أداء السهم، ...
الخ) و أكاد أجزم أن ذلك لم يحدث.
الشرط الجزائي
ليس هنالك شرط جزائي في العقد (كما ادعى ممثلو
شركة الصناعات البتروكيماوية)، ولكن داو أدعت أن فض الشراكة أدى الى خسائر مالية.
أولا، يجوز - تعاقديا - فض الشراكة قبل انقضاء
المدة الزمنية المتفق عليها (سنة واحدة تنتهي بنهاية 2008) وهذا هو ما قامت به
الكويت. الغرامة التي حكم فيها مؤخراً هي صادرة من مركز تحكيم دولي وقرارات مراكز
التحكيم قد تكون ملزمة او إستشارية، وهذا يتم ذكره في مذكرة التفاهم وهو ما نجهله،
في حال كان ملزما فإنه قانونياً يحق لأي طرف أخذ القضية محل الخلاف إلى المحاكم
التقليدية وهذا ما يجب القيام به من طرف الكويت.
ثانيا، بالنظر لأداء سهم داو في الفترة التي
سبقت فض الاتفاقية وفترة 6 شهور بعدها نرى أن أداء السهم كان متماشياً مع الأداء
العام لأسواق الأسهم الأمريكية في تلك الفترة (بداية الأزمة المالية)، أنظر لمؤشر
سهم داو مقارنة بمؤشرات الأسواق.
خاتمة
من وجهة نظري المتواضعة؛ أرى أنه لو تمت الصفقة
فأنها بكل تأكيد لم ولن تكون عادلة لنا، وهناك الكثير من المخاطر الشبه مؤكدة، أما
من يقول أن إلغاء الصفقة يضر علاقة الكويت بشركة داو فأود أن أقول إن كنا نحتاج
داو مرة (لقدرتها التكنولوجية) فهي تحتاجنا ألف مرة (لقدرتنا النفطية)، من وجهة
نظري أن أستمرت داو بتمسكها بالتعويض الخيالي (ملياري دولار) فيجب على الحكومة
النظر جدياً بفض الشراكة مع داو في مشروعي ايكويت و ايكويت 2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق