الجمعة، 6 يناير 2012

تجار الكويت… بين الأمس و اليوم


تجار الكويت كان و ما يزالوا يلعبون دور حيوي اقتصادي و سياسي، و حتى نفهم هذا الدور و نقيم اهميتة يجب ان نرجع بالتاريخ الى ما قبل عصر النفط .
كانت الكويت في السابق تعتمد على التجارة و التجار اقتصاديا حيث كانت الرسوم التجاريه هي مصدر الدخل الوحيد لغياب الثروة الطبيعيه كالزراعه و الصناعه، و عرف عن تجار الكويت في السابق انهم الاكفأ بين نظرائهم بالمنطقة و عرف عنه قدرة التحمل و الثقة، و كانت الدولة تفرض رسوم مخفضه لتشجيع التجارة و تثبيت اركان الدولة من خلال استقرار التجار.
و كان هناك (على الاقل) محاولتان لرفع الرسوم التجاريه، الاولى في عهد الشيخ صباح الثاني تمثل بفرض رسوم على البضائع الماره بالكويت و جوبهت برفض التجار و التلويح بمغادرة الكويت ان تم فرض هذة الرسوم، فقام الشيخ بالعدول عن فرض الضريبة، و الحادثه الثانية كانت في عهد مبارك الكبير عندما قرر رفع الرسوم الجمركية فعارضها التجار و هجر بعضهم الكويت احتجاجا عليها، فعدل الشيخ عن قراره و قام بإعادتهم الى الكويت.
و من الجانب الآخر كان تجار الكويت يلعبون دورا اجتماعيا تمثل ببناء السور و المساجد و المدارس، و كان لهم ايضا دورا خيري تمثل بمساعدة المنكوبين في سنة الهيلق (مأخوذه من الكلمة: هيلك او الهلاك نتيجة للجفاف الذي اصاب الكويت و العراق و بلاد فارس و نجد و الاحساء).
قبل ان استرسل بوصف تجار الحاضر اود ان اوضح اني اقتصرت تجار الحاضر بعدد قليل من تجار الكويت و قد يكون وصفهم لاحقا كافي لفهم منهم المقصودون.
تجار الكويت في الوقت الحالي ورثوا فقط اموال اجدادهم و لم يورثوا خصالهم، فتجار ما بعد النفط تحولوا من عنصر بناء يضخ الاموال في خزينة الدولة إالى عنصر استنزاف لأموال الشعب، فنشاطاتهم تعمد بشكل اساسي على مناقصات و عقود الدولة، وقاموا بتحصين مراكزهم من خلال اختراقهم لمراكز القرار بالدولة و وضع العوائق لكل منافس سواءا من الداخل او من الخارج، ولعل اهم مراكز قوى التجار هي غرفة التجارة و تحكمها بالقرارات الاقتصاديه للبلد كما هو جلي بميثاق الغرفة " أخذ رأيها لازم في كل ما يتعلق بالمسائل والتشريعات ذات الطابع الاقتصادي"، و تعتبر الغرفة هي بوابة عبور الشركات الاجنبية للكويت و عبور الشركات الكويتية للخارج و خاصتا في المشاريع التنموية الضخمه كالتي تقوم الدولة بتمويلها من خلال صندوق التنمية، يتضح جليا ان التجار حافظوا و ايضا عززوا مراكزهم المالية من خلال نفوذهم في الدولة، اضف الى ذلك ان تجار الحاضر لهم مساهمات محدودة في خدمة المجتمع و حتى معدومه و في حالات كثيرة تكون مفروضه من الدولة كتحديد جزء يسير من ارباح الشركات الكبرى لدعم معهد الكويت للتقدم العلمي والأبحاث
نستنتج من المقارنه ان التجار بين الامس و اليوم انهم يختلفون باخلاقياتهم و دورهم في التنمية و يتشابهون بنفوذهم الاقتصادية و السياسية، فليس من المنطق ان نقول ان تجار الكويت "الان" على قدر اهميتهم في السابق فدورهم سلبي، فهم يستنزفون اموال الدولة و لا يعطونها، يشكلون عبء على المستهلك و يبنون حوائط لدخول منافسين يستفيد منهم المستهلك، و خير دليل على ذلك هو اداء تجارنا داخل الكويت و خارجها، فهم اكثر تنافسيه في الخارج بتقديم خدمات ممتازة بأسعار تنافسيه و محتكرون في الداخل.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تجار اليوم ما زال لهم تأثير سياسي قبل الاقتصادي؟
انا عن نفسي لا اجد مبرر لهذا التأثير فالكويت لم تعد اقطاعية و الدولة لم تعد تعتمد على ضرائب التجار و انما النفط هو مصدر قوة الدولة و ليس تجارها، و كما علمنا التاريخ ان التجار قد يتركونوا في اي لحظة ان احد "ضايقهم" فيجب ان تعي الدولة التجار ليسوا مصدر استقرار الوطن اقتصاديا و لا سياسيا، فأقتصاديا لم يقدموا شيئا و يمكن الاستعانه بالشركات الاجنبيه بكلفه اقل على الميزانيه و تمكين الشركات الصغيرة و المتوسطة بالمشاركة بمشاريع الدولة، من الناحيه السياسيه هو قله قليله مقارنه بباقي الشعب و الاستقرار السياسي يتمثل بحكومه رشيدة يشرع لها و تحاسب من قبل مجلس الامه (الشعب و ليس التجار).